Menu

تقرير2021.. عامٌ ثقيل على قطاع غزّة وأسرٌ تنتظر كفاف يومها  

أحمد نعيم بدير

لاجئة في مُخيّم الشاطئ تطبخ لأطفالها على "البابور"

غزة _ خاص بوابة الهدف

يودّع أبناء شعبنا في قطاع غزّة العام 2021 بأوضاعٍ مأساويةٍ مُستمرة لدى غالبيتهم، لا سيما مع استمرار الحصار الصهيوني المفروض على القطاع الساحلي منذ أكثر من 15 عامًا، وفي ظل الأوضاع المنهارة التي ترتّبت على العدوان الهمجي الذي شنّه الاحتلال في مايو أيّار/ الماضي، واليوم تتجه أنظار السكّان بتشاؤلٍ إلى العام الجديد 2022.

اللاجئون في القطاع تتجاوز نسبتهم 66% من إجمالي عدّد السكّان، وزادت معاناتهم أكثر بعد سلسلةٍ من التقليصات نفّذتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بحجّة الأزمة الماليّة ولعل أبرزها "الكوبونة الموحّدة" التي أثارت غضب اللاجئين واللجان الشعبيّة ومعها الفصائل الفلسطينيّة، وبالتوازي هُناك آلاف الأسر التي ازدادت فقرًا وعوزًا جرّاء عدم صرف مستحقاتها من مُخصّصات الشؤون الاجتماعيّة من قِبل السلطة الفلسطينيّة.

يقول المهندس نصر أحمد، رئيس اللجنة الشعبيّة في مُخيّم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزّة، إنّ العام 2021 كان كما سابقه، إذ ازدادت معاناة اللاجئين بفعل العديد من العوامل، فكان هناك تقليصات وكالة "أونروا" المستمرة، وانعدام فرص العمل في المُخيّم ما انعكس على ارتفاع نسب البطالة لمستوياتٍ مرتفعة عن ذي قبل، وأيضًا استمرار الآثار المترتّبة على انتشار فيروس "كورونا".

ولفت أحمد خلال حديثه إلى "بوابة الهدف الإخباريّة"، إلى أنّ مطالب اللاجئين ونحن على أبواب العام الجديد تتمثّل في عدّة أمورٍ أبرزها: تحسين شبكات الصرف الصحي، وإيجاد فرص عمل للشباب في المُخيّمات ليتمكّن اللاجئ من إعالة أسرته في ظل نقص المواد الغذائيّة من وكالة "أونروا" وندرة المشاريع الناجحة داخل المُخيّمات، وتحسين شبكات الكهرباء.

أزمة مُخصّصات الشؤون الاجتماعيّة كانت من أبرز أزمات العام 2021، حيث مسّت آلاف البيوت الفقيرة في القطاع، إذ باتت الأُسر المستفيدة من هذه المخصّصات -بينهم مرضى وأشخاص ذوو إعاقة- غير قادرة على توفير أدنى احتياجاتها ومتطلباتها الأساسيّة من غذاءٍ ودواءٍ ومستلزماتٍ دراسيّة، حيث لم تصرف وزارة التنمية الاجتماعيّة منذ بداية عام 2021 سوى دفعة واحدة (من أصل أربع دفعات في العام الواحد) لنحو 80 ألف أُسرة غزّيّة بتاريخ 10/5/2021، في حين تم صرف هذه الدفعة بعد تقليصها إلى 750 شيكل من أصل 1800 شيكل.

المُسن سالم حسين (68 عامًا) أحد المستفيدين من هذه المُخصّصات التي بالكاد تلبي أدنى احتياجات الأسر الفقيرة، يؤكّد لـ"الهدف"، أنّ "الأوضاع مأساويّة للغاية، خاصّة وأنّهم لم يعطونا سوى نصف دفعة من الشؤون الاجتماعيّة بقيمة 750 شيكل فقط. هذه الشواكل ذهبت لسداد جزءٍ من الديون المتراكمة علينا، وابني الذي كان ينتظر صرف هذه الدفعات ليُحرّر شهادته من الجامعة بسبب تراكم الرسوم الجامعيّة عليه لم يستطع ذلك، وحالنا اليوم كالرحّالة من جمعيّةٍ إلى أخرى بحثًا عن مساعدة أو أي شيءٍ بسيطٍ يسندنا في هذا الوضع".

وأشار حسين إلى أنّ "الأوضاع السياسيّة وحالة التشرذم الموجودة لدينا هي السبب في كل مآسينا في قطاع غزّة، فالاحتلال من جهة، والانقسام من جهة، وخصومات السلطة من جهة أخرى"، مُطالبًا "جميع السياسيين بأن يعملوا من أجل تلبية احتياجات الأسر المعدومة في غزّة، بعيدًا عن حزبيّتهم وفصائليّتهم".

ومن خلال متابعة "الهدف" شبه اليوميّة وتغطيتها المُستمرة لمعاناة أبناء شعبنا في القطاع، فإنّه من المُلاحظ أنّ العديد من أصحاب المحلّات التجاريّة أغلقوا هذه المحلّات بفعل الحالة الاقتصاديّة المترديّة، وكان الشاب محمود دغيش من مُخيّم النصيرات أحد هؤلاء الذين اضطّروا لإغلاق مصالحهم والذهاب للعمل بالأجرة.

يُبيّن محمود لموقعنا -صاحب محل مكياج وإكسسوارات سابقًا-، أنّ حال الأسواق في غزّة يُدمى القلب، لا سيما وأنّ أولويّات السكّان تبدّلت، يُتابع: "اليوم الناس وعند استلامها للرواتب بغض النظر عن مصدرها "السلطة، وكالة الغوث، قطاع خاص، أو حتى الـ100 دولار" لا يذهب أغلبهم للتبضّع من الأسواق كما كان في السابق، بل جل اهتمام الناس اليوم هو سداد الديون التي تراكمت عليهم سواء للسوبر ماركت أو في الصيدليّة، فأصبح هناك أولويات، ويفكّر المشتري أكثر من مرّة قبل الذهاب إلى السوق".

وأشار دغيش إلى أنّه "كان مستأجرًا لأحد المحال في سوق النصيرات لبيع الإكسسوارات، وكان يدفع 3 آلاف دينار كأجرةٍ سنويّة لهذا المحل، لكنّني اضررت لإغلاقه"، مُؤكدًا أنّ "بعض أصحاب المحلات لا يراعون أنّ الحالة الاقتصاديّة مترديّة ولا يخفّضون هذه الأجارات المرتفعة مقارنةً مع حركة البيع والشراء في الأسواق"، فيما يعمل محمود اليوم في ذات المجال ولكن في محلٍ آخر بعد أن أغلق محلّه الخاص.

تجدر الإشارة هُنا إلى أنّ أزمات قطاع غزّة تسبّبت في رفع نسبة البطالة وانتشار الفقر وانعدام الأمن الغذائي، حيث يُعاني سكّان القطاع ارتفاعًا خطيرًا في معدلات البطالة بلغت 45%، بواقع 217.100 عامل عاطلين عن العمل، بينما بلغت نسبة انتشار الفقر بين سكّان القطاع 53%، فيما يُصنّف 62.2% من سكّان القطاع غير آمنين غذائيًا، وذلك وفقًا لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانيّة "أوتشا".